الحق لا ينحصر فيه وليس وقفاً على آراء هؤلاء، بل ليس هو أوثق السبل وأحسن الطرق في معرفة الرجال، إذ لا يعدو في الحقيقة إلا أنه تقليد لهم وتسليم لرأيهم بشأن الرواة، من دون معرفتهم مباشرة وبالنظر والاجتهاد، وهناك إلى جانب ذلك، باب مفتوح أمام الفقيه والمحدث لمعرفة الرواة مباشرة، ولاشك أنه أسلم وأبعد من الخطأ، وأقرب لإبداء الرأي وحرية النظر، في حال الرواة، ولعل اعتماد هؤلاء الأئمة أيضاً كان في أول الأمر على هذا الطريق المباشر الذي صار فيما بعد نسياً منسياً، فقامت أقوالهم وآراؤهم مقام هذا العلم المباشري السليم، وأصبحت كأنها الطريق الفريد والصراط القويم عند من تأخر عنهم. وهذا الطريق الذي اتخذه الأستاذ أساسا لمعرفة رجال الحديث ومعرفة طبقة الراوي وعصره ونسبه ونسبته، والتعرف بشيوخه والرواة عنه هو الرجوع إلى سند الروايات المتكررة في كتب الحديث وبمتابعة الأسانيد واستقراءها يظهر الخلل في كثير منها بسقوط الواسطة وعدم اتصال سلسلة السند أو تبديل اسم بإسم ويمكننا معرفة الحلقة المفقودة باستقصاء الأشباه والنظائر إذا توفرت وكثرت القرائن، وقامت الشواهد عندنا في الأسانيد المتكثرة المتوالية، كما يعرف اسمه واسم ابيه وجدّه وكنيته وربما تاريخ حياته. هذا الطريق بعينه مفتوح أمامنا للتعرف بدرجة علم الرواة وفقههم وضبطهم وأمانتهم في النقل ومذهبهم ونحو ذلك، وذلك بالرجوع إلى متون أحاديثهم المبعثرة على الأبواب، في كتب الحديث، وتقديرها من حيث اللفظ والمعنى، كماً وكيفاً فيعلم بذلك أن الراوي هل كان متضلعاً في الفقه والكلام أو السيرة والتاريخ أو التفسير، أو غيرها من المعارف، أو لم يكن له خبرة في