أو يأتي في أبواب أخرى مهملاً عنوان الباب والكتاب، الأمر الذي ألجأ عدداً ممن أتى بعده، علاج ذلك بالتنبيه على مواضعها أو أصولها بتأليف كتاب مفرد أو التنبيه عليها في الهامش. وآخر عمل من هذا القبيل ما قام به صديقنا وزميلنا في حلقات الدرس وفي لجنة الحديث، ـ وسنتكلم عنها ـ عند الإمام البروجردي المغفور له العلامة المتتبع، المجاهد، الشيخ عبد الرحيم الرباني الشيرازي في ما صححه وقدم له في طبعة جديدة من كتاب (الوسائل)، والذي تبعه طبع آخر قامت به مؤسسة أهل البيت مشكورة، فالناظر فيهما يطّلع على ما تحملوه من ذكر المصادر وتعيين مواضع «ماتقدم ويأتي» من هذا الكتاب. والفقيه لا يهمه كثرة الروايات بقدر ما يهمه ويحتاج إليه أن يحيط برواية واحدة أو أكثر كاملة بجميع طرقها ومتونها المختلفة، لكي ينظر إليها ككلام تام صدر عن النبي أو الإمام المعصوم عليهما السلام، ماثلاً أمامه، مضبوطاً في باب واحد. والإمام البروجردي ربما كان فريدا بين أقرانه في الاهتمام بإرجاع روايات عديدة إلى رواية واحدة، واستخراج نصها من مجموعها استناداً إلى سنّة جارية في الحديث، وهي إن تراكم الوسائط وتواليها وتعدد الطرق، وبعد الزمان، وخطأ النسّاخ وتساهل الرواة في نقل الحديث بالمعنى، وأسباب أُخرى من هذا القبيل جعلت رواية واحدة عبر الزمان كأنها روايات متماثلة وربما جعلتها روايات متعارضة ومتضادة. وبالجملة فشدة العناية بالكمية، والاهتمام بتضافر الحديث