الأكبر سيّدنا الأستاذ البروجردي من أسرة عريقة في العلم والشرف والفضائل ـ كما مرت بنا ـ فقام بعمل إيجابي كبير في فني الحديث والرجال يليق بأن يُعدّ ثورة في تاريخ هذين العلمين، فهذا الإمام مع تضلعه في الفقه والأصول وسائر العلوم الإسلامية على المستوى العالي، الذي نال به زعامة الشيعة وإمامة الطائفة، قد صرف شطراً كبيراً من عمره في علمي الرجال والحديث، فجاء فيهما ببديع، وأصبح حلقة ملحوظة من حلقات النشوء والتطّور في هذين المجالين، وقد ساعده على ذلك أمران: الأوّل: أنه ـ كما سبق شرحه ـ تتلمذ في أول أمره بإصفهان حيناً من الدهر، وكانت حوزتها العلمية احتفظت إلى تلك الحين بالسنن القديمة، ولم تنس أساليب القدماء التي كانت تهتم بالعلوم النقلية إلى جانب العقليات، فكان يُوجَد فيها رجالٌ خُبراء بالحديث والرجال والتراجم، وما إليها من العلوم التي نسيت في غيرها من أودية العلم وحوزاته، أو كادت أن تنسى فكانت مدرسة إصفهان المزدهرة بهذه العلوم طيلة أكثر من ألف سنة، وخاصة في العصر الصفوي فما بعدها عامرة بالعلماء في جميع فنون الإسلام، ومن جملتها علم الرجال والتراجم، وكفانا شاهداً بذلك أنّ أبا نُعيم الإصبهاني ـ وهو الجد الأعلى للأسرة المجلسية ـ ترك كتابه «حلية الأولياء» وغيرها لنا من قبل ألف سنة، والعلامة السيّد محمد باقر الروضاتي ألّف كتابه القيّم (روضات الجنات في تراجم الفقهاء والسادات) من قبل مائة سنة في هذه البلدة (إصفهان). فهذا المناخ العلمي ترك أثره على هذا الطالب الذي أتى من