3 ـ عموم النصب في مرحلة الإنشاء (لا الفعليّة) وهذا الرأي هو تطوير للرأي الاول، وفيه استدراك لبعض نقاط الضعف الموجودة في الرأي الأول. وخلاصة هذا الرأي هو القول بعموم النصب والتعيين في عصر الغيبة لعامة الفقهاء، كما في الرأي الاول، ورفع التزاحم الذي يقع في مرحلة الممارسة الفعلية للولاية بين الفقهاء بمرجّحات باب التزاحم المعروفة. فإنّ عموم نصب الفقهاء للولاية والحكم لا يؤدي إلى أيّ تعارض في الولاية والحكم ; لتمامية ملاك الولاية والحاكمية في كل واحد من الفقهاء، وليس إنشاء الولاية لأيّ منهم يعارض إنشاء الولاية للآخر، وليس بينهم تعارض وتكاذب، كما يحصل ذلك في مورد الأمر باتباع فتويين مختلفتين، أو العمل بروايتين متعارضتين، وإنّما التزاحم بين هذه الولايات تتم في مرحلة الممارسة الفعلية للولاية، فإنّ الساحة الاجتماعية لا تحتمل إلاّ ولاية واحدة، فإذا تزاحمت الولايات المتعدّدة لعديد من الفقهاء، فلابد من الرجوع إلى مرجّحات باب التزاحم لترجيح واحدة من هذه الولايات. وتختلف مرجّحات باب التزاحم عن مرجّحات التعارض، وذلك لأنّ الدليلين المتعارضين أو الأمرين المتعارضين يتكاذبان، وينفي كل واحد منهما صدق الآخر، كما لو ورد حكمان مختلفان في مورد واحد بدليلين مختلفين، فإنّ كل حكم ينفي صحة الآخر، وكل دليل ينفي صحة الآخر بطبيعة الحال، فنقطع بعدم صدق أحد الحكمين وأحد الدليلين في هذا الفرض، ولذلك فلابد في الترجيح من الرجوع إلى المرجّحات السندية، فنختار الأقوى منهما سنداً ونترك الأضعف منهما مسنداً، مثلا. أمّا عندما يكون المورد مورداً للتزاحم وليس للتعارض، كما لو حدث تزاحم بين دليل فورية الصلاة آخر الوقت ودليل حرمة المكث في الأرض المغصوبة،