3 ـ وقد حدّد لنا الشارع المؤهّلات والشروط التي تؤهّل الفرد للولاية والحكومة على المسلمين، ومن أهم هذه المؤهّلات والشروط: الفقاهة، والتقوى، والكفاءة. في ضوء هذه النقاط نطمئنّ إلى أنّ الشارع قد أوكل أمر الانتخاب إلى الناس أنفسهم في ضمن الشروط والمواصفات التي عيّنها الشارع من قبل. ذلك لأنّ الإسلام يطالبنا بالعمل لإقامة الحكم الإسلامي، ولا يتم من دون نصب الحاكم قطعاً، فإذا لم يعيّن الشارع أحداً لهذه المهمة، لم يبق سبيل معقول ومألوف[157] غير أن يقوم الناس أنفسهم بأمر انتخاب الإمام الحاكم ضمن المواصفات والشروط. وهذا الانتخاب هو (البيعة)، ولها سابقة في تاريخ الإسلام. ولابد أن نشير هنا إلى نقطتين في أمر هذا الانتخاب: الاُولى: أنّ هذا الانتخاب يجب أن يتم ضمن الملاكات التي عيّنها الشارع من الفقاهة والكفاءة والعدالة والتقوى، وحتى الأولويات التي عيّنها الشارع في هذه الملاكات، فلا يجوز أن يكون أمر الانتخاب للناس يختارون من يشاؤون بما يرتضون من ملاكات. والثانية: أنّ إجماع الناس على انتخاب شخص للرئاسة والولاية لما كان من غير الممكن عادة...، فكان لابد من وضع بديل معقول لاتّفاق الاُمة، وهذا البديل: إمّا ان يكون هو اتّفاق وجوه الاُمة وأهل الحلّ والعقد فيهم، أو اكثريتهم أو أكثرية الاُمة. وسوف يأتي إن شاء الله مزيد من التوضيح لهذه النقطة في بيان الرأي الثالث (عموم النصب في مرحلة الإنشاء).