القول بأنّ كل حاكم يجب أن يكون فقيهاً أو كل فقيه يصلح للحكم، وليس العكس. وفي الحقيقة يكون مفاد هذه الروايات هو اشتراط الفقاهة في وليّ الأمر، وهو تفسير معقول لأدلّة ولاية الفقيه ; نظراً للمناقشات التي سبق وأن ناقشنا بها الرأي الأول من الناحية الثبوتية والإثباتية. وإذا لم تكن أدلّة ولاية الفقيه بموجب ما تقدم من المناقشات ناظرة إلى (عموم النصب)، وإنّما تكون ناظرة إلى عموم التأهيل...، فلابد أن نبحث عن مسألة النصب ; كيف يتم نصب الفقيه للحكم والولاية من بين الفقهاء المؤهّلين للحكم ؟ الانتخاب (بالبيعة) النصب للولاية من حقّ الله تعالى فقط، ولا إشكال في هذه الحقيقة، ولا مجال للمناقشة فيها، وليس لأحد أن يفرض ولايته على الناس من دون إذن الله تعالى، ولا للناس أن ينتخبوا بعضهم بعضاً من دون إذن الله، فإنّ حقّ الحاكمية في حياة الإنسان لله تعالى، وهو الذي يملك الأمر والحكم في حياة الإنسان فقط. وهذه الحقيقة نابعة من أصل (التوحيد) مباشرة. وحيث لم يصلنا دليل على النصب والتعيين الخاص من جانب الله تعالى وأوليائه المعصومين (عليهم السلام) في عصر الغيبة، فإنّنا نطمئنّ إلى أنّ الشارع أوكل أمر الانتخاب والاختيار إلى الناس أنفسهم، ضمن المواصفات والمؤهّلات والشروط التي حدّدها الشارع، وأهمّها الفقاهة والتقوى والكفاءة، وذلك للنقاط التالية: 1 ـ يجب على المسلمين ـ على نحو الكفاية ـ العمل والسعي لإقامة الدولة الإسلامية. 2 ـ لم يصلنا من جانب الشارع دليل على النصب الخاص والتعيين في عصر الغيبة.