والعلم الذي يشترطه الإمام الصادق في مَن يتولّى الإمامة هو معرفة الحلال والحرام وحدود الله، وهو واضح لمن يعرف طبيعة وظروف الخلاف بين أهل البيت (عليهم السلام)وحكّام بني اُميّة وبني العبّاس، وكذلك المعارضة السياسية التي كانت تريد الإمامة لغير أهل البيت (عليهم السلام). ولا نحمل أن يكون المقصود من العلم في هذه الرواية وأمثالها علم الإدارة أو القتال أو غير ذلك، هو أمر مفروغ منه لدى الطرفين. والمخاطب الذي يخاطبه الإمام الصادق (عليه السلام) بهذا الخطاب، كما يتّضح من خلال الحديث نفسه لا يعتقد بالنصّ والعصمة، ولا يذكّره الإمام (عليه السلام) بهما في هذا الحديث وفي غيره، فلا يمكن أن يكون المقصود بالعلم: الأحكام الواقعية التي لا يعرفها إلاّ المعصوم ; لأنّ الإمام (عليه السلام) يتحدّث إلى ناس لا يشترطون في الإمام النصّ والعصمة، وليس الإمام (عليه السلام) بصدد مناقشة عقائدية في هذه المسألة. 3 ـ ما رواه الكليني بسند صحيح عن عبدالكريم بن عتبة الهاشمي، عن الصادق (عليه السلام): «اتّق الله، وأنتم أيّها الرهط فاتّقوا الله، فإنّ أبي حدّثني، وكان خير أهل الأرض وأعلمهم بكتاب الله عزّوجلّ وسنّة نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم): أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من ضرب الناس بسيفه، ودعاهم إلى نفسه، وفي المسلمين من هو أعلم منه، فهو ضالّ كاذب»[126]. والمقصود بالعلم هو ما تقدّم في صحيحة العيص، والأمر هنا أوضح ; لظروف الرواية والحوار الذي جرى بين الإمام (عليه السلام) وعمرو بن عبيد في هذا المجلس. و(الأعلمية) المذكورة في هذه الصحيحة وتلك، لابدّ أن تتعادل مع سائر