ومن هنا، فإنّ المنهج المقدّم في البحث عن ولاية الفقيه يؤدّي إلى نتيجة سلبية في هذه المسألة غالباً، إلاّ عندما تتمّ عنده النصوص الدالّة على ولاية الفقيه سنداً ودلالة. ولكن إذا أجرينا تغييراً طفيفاً في منهج البحث، نجد أنّنا نصل إلى النتيجة المطلوبة من أقصر الطرق، ومن دون جهد علمي كبير. وهذا المنج هو المنهج الذي انتهجناه في هذا البحث، فقد تحدّثنا أولا عن أصالة الحاكمية في هذا الدين، ثم تحدّثنا ثانياً عن وجوب إقامة الحكومة الإسلامية على المسلمين، وليس من مجال للتشكيك في أيّ واحد من هذين البحثين، ولا نكاد نجد فقيهاً يستطيع أن ينفي وجوب العمل على إقامة الحكومة الإسلامية من بين الفقهاء. فإذا تمّت هذه المقدمة اليقينية، فإنّنا نطرح التساؤل الآتي: ما هي الشروط التي يجب توفّرها في الحاكم ؟... ولا شكّ أنّ (الفقاهة) في مقدمة هذه الشروط. والالتزام بهذا الشرط هو القدر المتيقّن في ولاية الحاكم، ومن دون وجود هذا الشرط نشكّ في صلاحية الشخص للحكم، ومقتضى الأصل هنا هو نفي صلاحية غير الفقيه للحكم، فينحصر أمر الولاية والحاكمية في خصوص الفقيه في عصر الغيبة. ولا نعرف فقيهاً يقول بصحّة الولاية من غير شرط الفقاهة، والسبب في ذلك ـ كما ذكرنا ـ هو أنّ ولاية الفقيه هي القدر المتيقّن في هذه المسألة، ومعنى (القدر المتيقّن) أنّ ولاية الفقيه ولاية نافذة وشرعية وصحيحة عند الكلّ من دون استثناء، وأمّا ولاية غير الفقيه فهو أمر مشكوك فيه، بالنظر إلى الأدلّة التي تخصّص الولاية بالفقهاء. إذن، ولاية الفقيه هي القدر المتيقّن في هذه المسألة... وتكفي الأدلّة القائمة على