منهج البحث سوف نجد إن شاء الله أنّ إجراء تغيير في منهج البحث يؤدّي إلى تغيير واضح في نتيجة البحث. إنّ المنهج المعروف لدى الفقهاء عند تناول بحث ولاية الفقيه هو إثارة وطرح السؤال التالي: هل للفقيه الولاية المطلقة أو شبه المطلقة على المسلمين أم لا ؟ والجواب بمقتضى الأصل الأولي في هذه المسألة: النفي، فإنّ الأصل هو نفي ولاية إنسان على انسان آخر، وهذا أصل قطعي يقيني لا يناقش فيه أحد. ولا نخرج عن مقتضى هذا الأصل العقلي اليقيني إلاّ بدليل يقيني يضاهيه في القطع واليقين، ويعاكسه في الدلالة والنتيجة، فإذا تمّ لنا مثل هذا الدليل القطعي من الكتاب أو السنّة أو الإجماع على ولاية الفقيه المطلقة أو المقيّدة، وفي الخروج عن مقتضى الأصل القطعي السابق، تمّت ولاية الفقيه، وإن لم يتمّ مثل هذا الدليل بهذه الدرجة من اليقين والقطع، فلا نكاد نستطيع أن نتجاوز مقتضى الأصل القطعي السابق، وهو انتفاء الولاية لأيّ انسان على انسان آخر. وعند استعراض أدلّة ولاية الفقيه، لا نكاد نلتقي برواية تخلو من مناقشة أو مؤاخذة في السند أو في الدلالة أو فيهما معاً. وبوجود هذه المناقشات والمؤخذات فلا يكاد يتمّ لنا الخروج عن مقتضى الأصل اليقيني السابق إلاّ بمشقّة وجهد علمي كبير.