ومنهم تارك لإنكار المنكر بلسانه وقلبه ويده، فذلك ميّت الأحياء، وما أعمال البرّ كلّها والجهاد في سبيل الله عند الأمر بالمعروف والنهي عنه إلاّ كنفثة في بحر لجّي، وإنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقرّبان من أجل ولاينقصان من رزق، وأفضل من ذلك كلمة عدل عند إمام جائر»[62]. عن تفسير الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من رأى منكم منكراً فلينكر بيده إن استطاع، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، فحسبه أن يعلم الله من قلبه أنّه لذلك كاره»[63]. 3 ـ ومن المؤكّد الذي لا يمكن النقاش فيه: أنّ الإسلام لن يسمح لعامة الناس أن يحملوا السلاح بأيديهم، ويبحثوا في الأسواق والشوارع عن المنحرفين والعاملين بالمنكرات ; لضربهم أو تأديبهم وعقوبتهم، فإنّ ذلك يؤدي إلى إشاعة الهرج والفوضى في المجتمع، ولايمكن أن يقبل به الإسلام أو أيّ نظام آخر، وكيف يمكن لنظام في العالم أن يأمر الناس بأن يأخذوا بأيديهم السلاح، ويلاحقوا المنحرفين بالضرب والجرح والقتل. فلابد ـ إذا ـ أن يتم هذا التكليف الشرعي من خلال جهاز خاص بهذا الشأن ينهض بهذه المسؤولية الشرعية. وفي القرآن الكريم في آيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إشارة إلى ذلك. يقول تعالى: ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )[64]. وكلمة (ولتكن منكم اُمة) هي المقصودة بهذا الشأن في هذه الآية المباركة،