أُولئك لهم عذاب أليم، هنالك فجاهدوهم بأبدانكم، وابغضوهم بقلوبكم، غير طالبين سلطاناً، ولا باغين مالا، ولا مريدين بالظلم ظفراً، حتى يفيئوا إلى أمر الله، ويمضوا على طاعته»[59]. والحديث واضح في جعل السبيل على هؤلاء المنحرفين من قبل الله تعالى حتى يفيئوا إلى أمر الله، وهذا السبيل هو السلطان والنفوذ. وعن ابن أبي عمير، عن يحيى الطويل، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «ما جعل الله بسط اللسان وكفّ اليد، ولكن جعلهما يبسطان معاً ويكفّان معاً»[60]. فلابد أن يكون إلى جانب بسط اللسان بسط الكفّ أيضاً، وإلاّ فلا ينفع بسط اللسان وحده إذا كفّ الآمرون أيديهم عن المنحرفين من الناس. وروى ابن جرير الطبري في تأريخه عن عبد الرحمان بن أبي ليلى الفقيه، قال: إنّي سمعت علياً (عليه السلام)يقول يوم لقينا أهل الشام: «أيها المؤمنون، إنّ من رأى عدواناً يعمل به ومنكراً يُدعى إليه، فأنكره بقلبه، فقد سلم وبرئ، ومن أنكر بلسانه فقد أُجر، وهو أفضل من صاحبه، ومن أنكر بالسيف لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الظالمين السفلى، فذلك الذي أصاب سبيل الهدى، وقام على طريق، ونوّر في قلبه اليقين»[61]. قال الرضي: وقد قال (عليه السلام) في كلام له يجري هذا المجرى: «فمنهم المنكر للمنكر بقلبه ولسانه ويده، فذلك المستكمل لخصال الخير، ومنهم المنكر بلسانه وقلبه التارك بيده، فذلك مستمسك بخصلتين من خصال الخير ومضيّع خصلة، ومنهم المنكر بقلبه والتارك بيده ولسانه، فذلك الذي أضاع أشرف الخصلتين من ثلاث وتمسّك بواحدة،