وهكذا يحبّ الله تعالى أن يرى عباده في تعاملهم على كلّ هذه الشبكة الواسعة من العلاقات، بوجه واحد، باتجاه الطاعة والعبودية، والإحسان والإصلاح، والخدمة والحبّ. وهذا هو العنصر الثاني للنصيحة. فالنصيحة بهذا المعنى هي الوجه الثاني للعلاقة، ومرحلة متقدّمة وعُليا لتحكيم العلاقة وتمتينها بعد مرحلة «السلام». ويصحّ أن نقول: إنّ «السلام» يعتبر مرحلة تزكية العلاقة، وتطهيرها، وتجريدها من السوء، بينما تعتبر «النصيحة» مرحلة إغناء العلاقة بالخير والمودّة والتعاون والنصرة والإسناد. وبهذا التوضيح نجد أنّ نسيج العلاقة في هذه الشبكة الواسعة «شبكة الولاء» يتكوّن من عنصرَيْن أساسيَّيْن، هما: «السلام» و «النصيحة»، وتوجزهما هذه الكلمة المأثورة عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)في وصف المتّقين في نهج البلاغة: «الخير منه مأمول، والشرّ منه مأمون»[707]. فإنّ «السلام» هو أن لا يريد الإنسان الشرّ والسوء للآخرين، و «النصيحة» أن يطلب الإنسان الخير لغيره. دور «السلام» و«النصيحة» في تمتين العلاقة ووقايتها هذان العنصران يضعان العلاقة التي تربط الإنسان المسلم بالله ورسوله وأوليائه والمؤمنين على أساس متين، تتنزّه عن إرادة السوء بالآخرين، وتتشبّع بإرادة الخير. وفي نفس الوقت يقيان العلاقة من السوء، والاختلال في المجتمع، وفي نفس الإنسان. فإنّ العلاقة عندما تقوم على أساس ضعيف تتعرّض لعوامل الإخلال