من كلّ ما يشوبه من سوء النيّة وسوء الظنّ والحسد والمكر، والكراهية والنفور، ويجب أن يتطابق ظاهر المسلم وباطنه في التعامل مع الآخرين في المجتمع الإسلامي باتّجاه الاحسان والإصلاح والتسديد والإرشاد والإيثار والخدمة، ولن يداخل نفوسهم ما ينافي ذلك. وينبسط هذا التعامل الناصح الواضح النفي في كلّ جوانب الحياة. ففي السوق إذا عرّف صاحب البضاعة بضاعته يعرّفها كما هي، ولا يغشّ الزبائن فيعرّف لهم البضاعة بالجودة ويُخفي عنهم ما لا يعرفوه من رداءة البضاعة، ولا يظهر النماذج الجيدة منها للعين ويُخفي النماذج الرديئة منها عن العين. مرّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالسوق فوجد صُبرةً[705] من طعام، فأدخل (صلى الله عليه وآله وسلم) يده فيها فنالت أصابعه بَلَلاً، فقال: «ما هذا يا صاحب الطعام ؟» فقال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: «أفلا جعلته فوق الطعام حتّى يراه الناس، من غشّ فليس منّي»[706]. وفي العمل السياسي، إذا دعا الشخص الذي يرشّح نفسه للمجلس الوطني أو البلدي، وأعلن عن برامجه وأفكاره، يلتزم بها إذا انتخبه الناس، ولا يقول للناس شيئاً في الإعلام ثم يخالفه في العمل. وعلماء الدين، إذا دعوا الناس إلى مكارم الأخلاق في التعامل مع الناس، ورغّبوهم فيها، لم يتخلّفوا عنها في سلوكهم الفردي والاجتماعي في داخل عوائلهم، وفي السوق، ومع أنفسهم، وبينهم وبين الله (لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ).