والنصوص بهذا المضمون كثيرة، وكلّها محمولة على استحباب الشورى في الأُمور الفردية التي تخصّ حياة الإنسان. ج) الشورى المحرّمة وهي الشورى في مقابل النصّ. ولا إشكال في عدم جوازها، وليس ذلك تخصيصاً في أدلّة الشورى ـ كما يقول المحقّق النائيني ـ بل تخصّصاً[665]. فإنّ الشورى وردت في الشريعة فيما لا يرد نصّ فيه، وقد كان ذلك معروفاً عند أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). عن الحبّاب بن المنذر، قال: أشرت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم بدر بخصلتين فقبلهما منّي، خرجت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)فعسكر خلف الماء، فقلت: يا رسول الله: أَبوَحْي فعلت أو برأْي ؟ قال: «برأي يا حباب» فقلت: فإنّ الرأي أن تجعل الماء خلفك، فإن لجأت لجأت إليه، فقيل ذلك مني[666]. ومن ذلك: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا رأى ضعف المسلمين وغلبة الأحزاب في حرب الأحزاب بعث إلى عيينة والحارث، وهما قائدا غطفان، يدعوهما إلى الصلح، والرجوع بقومهما عن حربه على أن يعطهما ثلث ثمار المدينة. واستشار سعد بن عبادة في ذلك، فقال: يا رسول الله، إن كان هذا الأمر لأنّ الله أمرك فيه بما صنعت والوحي جاءك به، فافعل مابدا لك، وإن كنت تختار لنا كان لنا رأي فيه[667]. يقول الجصّاص في «أحكام القرآن»: «ولابدّ من أن تكون مشاورة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)فيما لا نصّ فيه، إذ غير جائز أن يشاورهم في المنصوصات»[668].