ورواية العياشي في تفسيره الذي سبق وأن أدرجناه في البحث عن آية الشورى في سورة آل عمران. إلاّ أنّ هاتين الروايتين تصلحان للتأييد فقط. 3 ـ القيمة الموضوعية والطريقية للشورى للشورى قيمتان، كما نفهم من نصوص الشورى عن الكتاب والسنّة. ونقصد بالقيمة الموضوعية للشورى: أنّ الشورى مطلوبة لذاتها في صياغة القرار، لا بلحاظ دورها في تسديد القرار وتصحيحه. وذلك لأنّ للشورى بذاتها دور في تأليف القلوب النافرة، وإشعار الأُمة بالمشاركة في صناعة القرار، وكسب الأُمة للوقوف إلى جانب القرار. وهذه الآثار نابعة من الشورى بالذات، لا بلحاظ طريقية الشورى للوصول إلى القرار الناضج الحقّ والرأي الصحيح. ولعلّ إلى ذلك تشير آية آل عمران في التعقيب على توجيه الأمر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالشورى (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) فتعقّب الآية الكريمة على ذلك بقوله تعالى: (وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) ولا علاقة لهذه القيمة بالوصول عن طريق الشورى إلى القرار الناضج الصحيح. ولم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحاجة إلى تسديد الناس له في القرار السياسي والعسكري والإداري، وإنّما أمره الله تعالى بالشورى لتطييب القلوب وتأليفها، وكسب مواقفهم ومواقف عشائرهم لصالح القرار الذي كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعلنه على الناس. وقد أشار المفسّرون والفقهاء إلى هذه القيمة الموضوعية للشورى كثيراً في تفسير آية الشورى من آل عمران. يقول ابن جرير الطبري في تفسيره: «ثم اختلف أهل التأويل في المعنى الذي من أجله أمر تعالى ذكره نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يشاورهم، وما المعنى من ذلك، فقال