وإلى ذلك تشير الحكمة التي يرويها الآمدي عن الإمام علي (عليه السلام) في الغرر: «اضربوا بعض الرأي يتولّد منه الصواب»[626]. وهذا المعنى هو الذي تشير إليه الآية: 18 من سورة الزمر: (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُو الاَْلْبَابِ). وهذه الآية قريبة جداً من آية الشورى في (آل عمران) وفي سورة (الشورى). وروى الشريف الرضي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه قال لعبد الله بن عباس وقد أشار عليه في شيء لم يوافق عليه رأيه: «لك أن تشير عليّ وأرى، فإن عصيتك فأطعني»[627]. وروى العياشي في تفسيره عن أحمد بن محمد، عن علي بن مهزيار قال: كتب إليَّ أبوجعفر (الجواد) (عليه السلام): أن «سل فلاناً أن يشير عليَّ ويتخيّر لنفسه، فهو أعلم بما يجوز في بلده، وكيف يعامل السلاطين، فإنّ المشورة مباركة، قال الله لنبيّه في محكم كتابه: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ) فإن كان ما يقول ممّا يجوز، كتبت أُصوّب رأيه، وإن كان غير ذلك رجوتُ أن أضعه على الطريق الواضح إن شاء الله»[628]. نظرة في نصوص الباب وعلينا الآن أن نلقي نظرةً في النصوص الواردة في الشورى، لنبحث عن دلالتها أو عدم دلالتها على وجوب الشورى أولاً ووجوب العمل بمضمونها ثانياً، أو الإلزام بالشورى أولاً والالتزام بالعمل بمضمونها ثانياً.