وهذه الحالة أيضاً نحو من الطريقية للوصول عن طريق الشورى إلى القرار الصحيح الناضج. ولا اشكال في أنّ هذا التراشد والتكامل في الرأي لا يتحقّق ولا يكون عن غير طريق الشورى. ولا إشكال أنّ هذا التراشد لا يتوقّف على إلزام وليّ الأمر برأي الأكثرية في الشورى، ما لم يسلك الحاكم طريق التعسّف والتعنّت في قبول ورفض الآراء. وإلى هذا المعنى من «الطريقية» تشير طائفة من نصوص الشورى. من ذلك ما رواه الحرّ العاملي في «وسائل الشيعة» عن «الفقيه»: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيّتة لمحمد بن الحنفية: «أضمم آراء الرجال بعضها إلى بعض، ثم اختر أقربها إلى الصواب، وأبعدها من الارتياب... قد خاطر بنفسه من استغنى برأيه، ومن استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ»[624]. وروى الشريف الرضي (رحمه الله) في النهج عنه (عليه السلام): «من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ»[625]. وهذا الذي يرويه الصدوق عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) تعبير دقيق عن طريقية الشورى للقرار الناضج الحقّ. فإنّ تنضيج القرار وتصحيحه لا يحصل دائماً برأي الأكثرية كما تذهب إلى ذلك الديمقراطية الحديثة، ولكنّ الفرصة التي توفّره الشورى لأولياء الأُمور وأجهزة الدولة في تقليب وجهات النظر، وتصفّح الآراء، تعتبر دائماً هي الفرصة النافعة للوصول إلى القرار الناضج الصحيح، وتعتبر الشورى بذلك الأداة المفضّلة لتصحيح وتنضيج القرار.