بقومهما عن حربه على أن يعطيهما ثلث ثمار المدينة. واستشار سعد بن عبادة[527] فيما بعث به إلى عيينة والحارث، فقال: يا رسول الله، إن كان هذا الأمر لابدّ لنا من العمل به، لأنّ الله أمرك فيه بما صنعت، والوحي جاءك به، فافعل مابدا لك، وإن كنت تختار أن تصنعه لنا كان لنا فيه رأي، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «لم يأتني وحي به، ولكنّي رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وجاؤوكم من كلّ جانب، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر مّا». فقال سعد بن معاذ: قد كنّا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وبعبادة الأوثان، لا نعرف الله ولا نعبده، ونحن لا نطعمهم من ثمرنا إلاّ قرىً أو بيعاً، والآن حين أكرمنا الله بالإسلام، وهدانا به، وأعزّنا بك، نعطيهم أموالنا ؟ ما بنا إلى هذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلاّ السيف حتّى يحكم الله بيننا وبينهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «الآن قد عرفت ما عندكم، فكونوا على ما أنتم عليه، فإنّ الله تعالى لن يخذل نبيّه، ولن يسلمه حتّى ينجز له ما وعده»[528]. 5 ـ وفي الحديبية حيث جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه للعمرة، فخرجت إليهم قريش لمنعهم عن دخول مكة، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للمسلمين يومذاك: «أشيروا عليّ، أترون أن نميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم، فإن قعدوا قعدوا موتورين محزونين، وإن نجوا تكن عنقاً قطعها الله، أو ترون أن نؤمّ البيت فمن صدّنا قاتلناه ؟». فقال أبوبكر: الله ورسوله أعلم، يا نبي الله إنّما جئنا معتمرين، ولم نجئ نقاتل أحداً، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «فروحوا إذا».