عليه من الدين، فديننا خير من دينه، أم هو أولى بالحقّ منّا ؟ فقالوا لهم: بل دينكم خير من دينه[524] ومن اتّبعه، فقويت عزائمهم إذ ذاك في حرب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم). ثمّ خرج اليهود حتّى جاءوا غطفان وقيس عيلان، فدعوهم إلى حرب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وضمنوا لهم النصرة والمعونة، وأخبروهم باتّباع قريش لهم على ذلك، فاجتمعوا معهم، وخرجت قريش وقائدها إذ ذاك أبوسفيان صخر بن حرب، وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن في بني فزارة، والحارث بن عوف في بني مرّة، ووبرة بن طريف في قومه من أشجع، واجتمعت قريش معهم. فلمّا سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اجتماع الأحزاب عليه، وقوّة عزيمتهم في حربه، استشار أصحابه، فأجمع رأيهم على المقام بالمدينة، وحرب القوم إن جاءوا إليهم على أنقابها[525]، فأشار سلمان الفارسي (رحمه الله)على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)بالخندق، فأمر بحفره، وعمل فيه بنفسه، وعمل فيه المسلمون. وأقبلت الأحزاب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)[526]، فهال المسلمين أمرهم، وارتاعوا من كثرتهم وجمعهم، فنزلوا ناحيةً من الخندق، وأقاموا بمكانهم بضعاً وعشرين ليلة لم يكن بينهم حرب إلاّ الرمي بالنبل والحصا، فلمّا رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ضعف قلوب أكثر المسلمين من حصارهم لهم، ووهنهم في حربهم، بعث إلى عيينة بن حصن والحارث بن عوف وهما قائدا غطفان يدعوهما إلى صلحه والكفّ عنه، والرجوع