والإضرار والجرح وإتلاف النفس... الظاهر من مذهب شيوخنا الإمامية أنّ هذا الجنس من الإنكار لا يكون إلاّ للائمة، ولمن يأذن له الإمام)[30]. وهذه الصفة الإلزامية، وما يستتبعها من أجهزة تنفيذية في الفقه، تعطي لهذا الفقه صفة الحاكمية والسيادة في حياة الناس، وتتطلّب وجود جهاز حاكم يتولّى أمر السيادة والولاية في حياة الناس، ومن دون ذلك لا يمكن تنفيذ هذا الفقه وتحقيق أهدافه في حياة الناس. فكيف ترى يمكن تنفيذ هذا الفقه في جملة من أبوابه، وهي الحدود والقصاص والديات، من دون أن يكون لهذا الفقه صفة الإلزام والحاكمية في حياة الناس، ومن دون أن يتضمّن هذا الفقه وجود جهاز مركزي يتولّى الحاكمية والسيادة في حياة الناس. مسؤولية الفقه عن الدعوة وهذه خصلة اُخرى من خصال هذا الفقه: وهي مسؤولية حمل رسالة الدعوة الإلهية إلى البشرية جميعاً، وفكّ الأغلال ورفع الاُصر عن الناس، ودعوة الناس إلى الله تعالى، ونبذ طاعة الحكّام والاُمراء والسلاطين الذين يحكمون بغير حكم الله، ويستعبدون الناس، وإخراج الناس من عبودية بعضهم لبعض إلى عبودية الله تعالى، ونبذ كل سلطان وحاكمية في حياة الناس إلاّ حاكمية الله تعالى. وواضح أنّ هذه الرسالة الكبرى لا يمكن أن تتحقّق في هذا الدين من غير أن يواجه هذا الدين ألواناً من التحدّي والمواجهة على كل الأصعدة، وبكل الأشكال من قِبَل المستكبرين الذين تخترق هذه الدعوة سلطانهم ونفوذهم، ولايمكن تحقيق رسالة هذه الدعوة في حياة الناس إلاّ بالتصدّي المباشر والمواجهة لائمة الكفر،