3 ـ الخطابات الشرعية الموجّهة إلى المجتمع الأحكام الشرعية الواردة في الكتاب والسنّة على طائفتين متميّزتين: طائفة منها تتعلّق بالفرد أو الأفراد، ومحور الحكم فيها (الفرد أو الأفراد)، وهي على ثلاثة أقسام: فقد يتعلّق الحكم بفرد معيّن ; كالاحكام الخاصة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في القرآن، وهذه هي (الواجبات الشخصية). وقد يتعلّق الحكم بجميع المكلّفين، لكن يسقط الحكم بامتثال البعض له إذا انتفت الحاجة الداعية إلى تشريع الحكم، وهذه هي (الواجبات الكفائية). وقد يتعلّق الحكم بالجميع، ولا يسقط بامتثال البعض، ويكون لكل فرد خطاب مستقلّ، وامتثال أو عصيان مستقلّ، وهذه هي (الواجبات العينيّة)[25]. وطائفة اُخرى من الأحكام لا تتعلّق بالفرد من حيث الأساس، ولا يكون الفرد فيها مخاطباً، ولا محوراً، ولا موضوعاً للخطاب، وإنّما يتوجّه الخطاب إلى المجتمع رأساً، وتكون الشخصية الاجتماعية هي موضوع الخطاب، وليس الشخصية الفردية، وهو سنخ آخر من الخطاب والحكم يختلف اختلافاً جوهرياً عن الطائفة الاُولى التي يتّجه فيها الحكم إلى الفرد أو الأفراد، ولها امتثالات عديدة ومخالفات عديدة بعدد المكلّفين، بينما لا يكون لهذا الخطاب إلاّ امتثال واحد وعصيان واحد. هذا السنخ من الخطابات يأتي عادة في الشؤون التي لا تتأتّى من الفرد أو الأفراد ; كإجراء الحدود، وإقامة صلاة الجمعة، والقضاء، والقتال، ومثل هذه الأحكام مما لا يمكن أن ينهض بها فرد أو مجموعة الأفراد.