ثانياً: الحكم الثانوي ما تقدم من حديث هو الحكم الفقهي الأوّلي للمسألة، والآن نتحدّث عن حكم المسألة بمقتضى العنوان الثانوي. ونقصد بالعنوان الثانوي: الظروف الدولية والمعادلات السياسية الحاكمة على العالم، والتصنيف الوطني والقومي والإقليمي للعالم الإسلامي، والذي لايمكن تجاوزه الآن على أقلّ التقادير. فإذا قامت ـ مثلاً ـ دولة إسلامية في الشرق الأوسط، ودولة اُخرى إسلامية في غرب إفريقية، فلا محالة لابدّ أن نتقبّل تعدّد النظام السياسي، وتعدّد الولاية السياسية بحكم الضروريات السياسية. وهذا هو مقتضى العنوان الثانوي، وهو يختلف عمّا يقتضيه العنوان الأوّلي في هذه المسألة. وإلى ذلك يشير إمام الحرمين الجويني، غير أنّه لم يوضّح التفكيك بين الحكمين والعنوانين في هذه المسألة. يقول إمام الحرمين الجويني: ( ذهب أصحابنا إلى منع عقد الإمامة لشخصين في طرفي العالم، والذي عندي فيه: أنّ عقد الإمامة لشخصين في صقع واحد متضايق الخطط غير جائز، وقد حصل الإجماع عليه، وأمّا إذا بعد المدى وتخلّل بين الإمامين شسوع النوى،