فللاحتمال في ذلك مجال، وهو خارج عن القواطع )[277]. وهذا هو حكم العنوان الثانوي بالدقّة، ولا خلاف بين إمام الحرمين الجويني والاتّفاق الذي نقله عن فقهاء أهل السنّة ; ولكن الحكم الأوّل الذي انعقد عليه اتّفاق الأعلام هو حكم المسألة بموجب العنوان الأوّلي، والحكم الذي ذكره إمام الحرمين ـ فيما إذا كانت المسافة بين الدولتين مسافة شاسعة ـ هو حكم العنوان الثانوي بمقتضى الضرورة، إلاّ أنّه علينا أن نعرف أنّ الأحكام الثانوية تدور مدار العناوين الثانوية، من حيث الزمان، والمكان، وكمية الحكم وكيفيّته، سعةً وضيقاً. وعليه، ففيما إذا اقتضت الضرورة والمصلحة قيام دولتين ونظامين إسلاميين في العالم، وأمكن وجود مركز سيادة وولاية واحدة يحكم النظامين، ويمارس كلٌّ من النظامين السيادة في إقليميهما على طريقة (الحكم الذاتي) في الجانب الإداري والقضائي والتشريعي (التقنيني)، وجب عليهما ذلك، ووجب الاقتصار في التعدّد على ما تقتضيه الضرورة والمصلحة، وهو الشؤون الإدارية والتشريعية (التقنينية) والقضائية. ومن المستبعد ـ عادةً ـ أن يتعرّض مركز السيادة الواحد لهذه الضرورات إذا فرضنا أنّ الضرورة والمصلحة ناشئة من متطلّبات الوضع العالمي والتصنيفات الإقليمية والوطنية والقومية، لا من ناحية الدولتين.