التصوّر الإسلامي لـ (الإله) وننتقل الآن إلى الصورة الثانية لـ (الإله) التي يعكسها القرآن الكريم. إنّ القرآن ينفي هذه الآلهة جميعاً، ويجرّدها عن الخلق والتدبير والأمر، ويحصر ذلك كله في الله تعالى. ويعتمد هذا (التجريد) و (الحصر) في كلمة التوحيد في القرآن على اُصول منطقية، بعضها يمسك ببعض. وهي جميعاً تؤدي إلى غاية واحدة، وهذه الاُصول ـ كما يرسمها القرآن ـ هي: 1 ـ أنّ الخلق كله لله تعالى، وليس لله تعالى شريك في الخلق: ( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ )[9]. ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِق غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالاَْرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ )[10]. 2 ـ ولله تعالى تدبير هذا الكون، وهو المهيمن عليه، ولا يشاركه في ذلك أحد: ( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لاَِجَل مُسَمًّى )[11]. ( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ )[12]. 3 ـ والله تعالى وحده يعلم بما في هذا الكون، ولا تخفى عليه خافية في الجو والبر والبحر. ( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن