فإنّ مدلول هذه الكلمة هو تجريد الآلهة من غير الله تعالى من كل سلطان وسيادة وولاية وحاكمية في حياة الإنسان، وحصر الولاية والسلطان والحاكمية في الله تعالى. ولا نستطيع أن نفهم هذا (التجريد) و (الحصر) في كلمة (لا إله إلاّ الله) إلاّ من خلال دراسة التصور الجاهلي للآلهة، ودراسة الفهم القرآني للإله. ولمّا كان القرآن يطرح كلا التصورين، فإنّ بإمكاننا أن نرجع إلى القرآن الكريم في رسم كلٍّ من هاتين الصورتين: صورة (الإله) في الذهنية الجاهلية، وصورة (الإله) في التصور القرآني. ولنبدأ برسم صورة الإله في الذهنية الجاهلية. التصور الجاهلي لـ (الإله) يقول تعالى في تصوير التصورات الجاهلية عن (الإله): ( وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً)[1]. ( وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ )[2]. ( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ )[3]. ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إلى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ )[4]. ( اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ )[5].