(1) أصالة الحاكمية في العقيدة الإسلامية هناك حقيقة فريدة في القرآن المكي والقرآن المدني على نحو سواء، يتولّى القرآن المكي الجانب الاعتقادي منها ويرسخها، ويتكفل القرآن المدني الجانب العملي والتنفيذي منها، وتلك الحقيقة هي حاكمية الله تعالى في حياة الإنسان... وتقوم هذه الحاكمية على تجريد الآخرين من السلاطين والحكّام والآلهة من حقّ الولاية والحكم وتقرير المصير في حياة الناس. وهذان وجهان لقضية واحدة. ومن أعجب الاُمور أنّ هذه الحقيقة بوجهيها كانت تملأ مشاعر المسلمين في نشأة هذا الدين الاُولى، وكانت اُولى ما يستثير انتباه اعداء هذا الدين، وهي أكثر شيء في هذا الدين كلّف الإسلام والمسلمين جهد المواجهة، ومعاناة الصبر على تحدّيات الأعداء. ورغم ذلك كله فإنّ هذه الحقيقة لا تملك اليوم في نفوس المسلمين ذلك الوضوح والإشراق. إنّ مفهوم (لا إله الاّ الله) من أوضح المفاهيم في الإسلام، وأكثرها بداهة، وفي نفس الوقت من أكثر المفاهيم التي لابسها الغموض، وأصابها التعتيم الفكري والثقافي، خلال تاريخنا المعاصر.