النقطة الاُولى: أنّ الأصل في الموقف الشرعي من الفئات الظالمة التي تغتصب السلطة ليس هو الاستسلام والقبول أو الانقياد، وإنّما الموقف الإسلامي هو الرفض والردّ والمواجهة وتحريم الركون، وهو الموقف الصريح في القرآن، يقول تعالى: (وَلاَ تَرْكَنُواْ إلى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ )[205]. ويقول تعالى: (وَلاَ تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الاَْرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ)[206]. ويقول تعالى: (وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)[207]. ويقول تعالى: (أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إلى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلا بَعِيداً )[208]. وقد يتّفق أن تعجز الاُمة عن تأدية فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتسقط عنها هذه الفريضة الإسلامية، ويرتفع عنها وجوب الردّ والمقاومة، فيما إذا كان من غير الممكن إحباط الثورة المسلّحة، ونصرة الإمام العادل المغلوب على أمره وتمكينه من الحكم، وكانت المقاومة تعود إلى الاُمة بمردود سلبي ضرّه أكثر من نفعه، وتؤدّي إلى تمكين الظالمين من إبادة الفئة المؤمنة المقاومة. ولكن هذه الحالة استثناء وليس بأصل، والأصل هو المقاومة، ولا ينفى هذا الاستثناء في ظرفه الخاصّ به، إلاّ أنّ الاستثناء لا يجوز أن يتحوّل إلى الأصل، وعندما نستعرض كلمات هؤلاء الأعلام نجد أنّهم يقرّرون الحكم بالتسليم والركون والانقياد، وحرمة المعارضة والمقاومة على نحو الأصل وليس على نحو الاستثناء،