الأرض لم تعتبر أسلاب حرب، فلم تقسَّم بين المسلمين، بل كانت لرسول الله خاصّةً يضعها حيث يشاء، وقد قسّمها على المهاجرين دون الأنصار، بعد أن استبقى قسماً خصِّصت غلّته للفقراء والمساكين[1457]. ويقول غيره[1458]: قسّم النبي فيء بني النضير بين المهاجرين ... ولم يعط الأنصار شيئاً منه، إلاَّ اثنين من فقرائهم، وقيل: إلاَّ ثلاثة: أبا دُجانة سماك بن خرشة، وسهل بن حنيف، والحارث بن الصمّة ... صرف فيهم لا بأنّهم سهماء في الفيء، بل بما أنّه صرف في سبيل الله. * * * لم تحسب إذاً أرض بني النضير، وما فيها من زروع ومتاع في الأسلاب، ولم تُقسم على المسلمين ما تُقسم الغنائم: أخماساً أخماساً، وسهماناً سهماناً، إنّما غدت من خالص ملك رسول الله، يتصرّف فيها كيف يشاء، على سنن ما حكم به ربّه في أمثالها من الأفياء. يقول ابن عباس: نزل قوله تعالى: (مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) نزل في أموال أهل القرى، وهم: قريظة وبنو النضير وهما بالمدينة، وفدك وهي من المدينة على ثلاثة أميال، وخيبر، وقرى عرينة وينبع، جعلها الله لرسوله يحكم فيها ما أراد، وأخبر أنّها كلّها له ...[1459]. ويكاد هذا الحديث يؤرّخ للمقاسم كيف تكون في أموال الأعداء. ففي خلال نحو ثلاثة أعوام، فيما بين أول ربيعي السنة الرابعة، وأولهما من السابعة، تمّ القضاء على سلطان اليهود القضاء المبرم، فلم يعد لهم شأن في حساب السياسة والاقتصاد والاجتماع في الدولة الجديدة. * * *