الأُولى، مع تعميم الفيء ليشمل فيء أهل القرى، أعمّ من بني النضير وغيرهم وهو لله وللرسول، منه ما يختصّ بالله، والمراد به صرفه وإنفاقه في سبيل الله، على ما يراه الرسول ... ومنه ما يأخذه الرسول لنفسه ... ثم منه لمن ذكرت الآية ...»[1455]. وقد أحسن المفسّر إذ قال: إنّ الله «أرجع» تلك الأموال إلى رسوله، فأيّما مال هو في حقيقته ملك لله، يضعه سبحانه في يد من اقتضت إرادته الربانية، وأيّما «مالك» ـ بتعبيرنا الاصطلاحي المألوف ـ إن هو إلاَّ «قابض» للمال، عامل عليه، موظّف فيه. * * * ويفيد مفهوم ما سلف: أنّ المسلمين الذين خرجوا لإجلاء هؤلاء الأعداء، أوشكوا ألاّ يلقوا في انطلاقهم عنتاً ولا مشقّةً، ولم يكابدوا في لقائهم من لاَْواء القتال وويلاته ما يكون عادةً في الحروب. وانقسم رواة الأخبار، فبعضٌ يذكر وقوع قتال، وبعضٌ يغفل. يقول أحدهم: حاصرهم الرسول خمسة عشر يوماً حتّى صالحوه على أن يحقن لهم دماءهم، وله الأموال والحلقة ...[1456]. وآخر يقرّر: حاصرهم النبي حتّى بلغ منهم كلّ مبلغ، فأعطوه ما أراد منهم، فصالحهم على أن يحقن لهم دماءهم، وأن يخرجهم من أرضهم وأوطانهم، وأن يسيّرهم إلى أذرعات بالشام. ويروي ثالث: ... فأخذ المسلمون السلاح، وساروا إليهم فقاتلوهم عشرين ليلة، حتّى لم تبق لديهم ريبة في سوء مصيرهم إذا أصرّوا على متابعة القتال ... فسألوا محمداً أن يؤمنهم ... فصالحهم على أن يخرجوا ... ولكلّ ثلاثة منهم بعير يحملون عليه ما شاءوا من مال أو طعام أو شراب ... وتركوا وراءهم للمسلمين مغانم كثيرة. ثم يضيف: وكان ما خلّت اليهود من الأرض خير ما غنم المسلمون، غير أنّ هذه