وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

أمّا هي فقد غمرتها الطمأنينة، شاع في وجهها شفق الأصيل أغضت العينان، استراحت على وجنتيها الأهداب، وراء شفتيها استراح اللسان، خشعت الأطراف، ذاب كيانها كلّه في الحياء ... بمثل صفاء الندى العذري المتلألئ في أحداق السحر، لمع ناظرها بقطرتين كالدرّ: درّة هنا، ودرّة هناك. قيل: سكتت من خجل، وكانت درّتاها المتألّقتان من رضا وبشر. وقال متقوّلون: إنّما سكتت من دهشة وعجب، لأنّها لم تكن تصدّق أنّ أحداً يخطبها بعد أن قاربت العشرين!! وإنّما دمعت عيناها من حزن وأسف أن سيسلّمها أبوها بهذا الزواج إلى من سيحييها معيشةً ضنكا[1066]، هي الشظف[1067] والإملاق[1068] على غير ما تأمل فتاة تتطلّع في حياتها المقبلة إلى عشٍّ زوجيٍّ هو جنّة طيّبة الجنى، شهيّة الثمار، ظلالها رغد ورفاهة وعيش رخي كريم!! فهل أصاب أصحاب التقوال؟ العجب لهم كيف يقلبون المعاني، ويقلبون الأوضاع! إنّهم يحبّون أن يروا ما يعيب، ولا يحبّون أن يروا ما لا عيب فيه[1069]، بل إنّهم ليرون ما يعاب فيما لا يعاب. وإذا كان زواج فاطمة قد تأخّر إلى ما بعد الهجرة، فذاك لأنّ حياتها وحياة المسلمين بمكة لم تكن حياة أمن واستقرار، ولأنّ الدعوة الإسلامية كانت عندئذ في إبّانها، والرسول مشغول بنشرها عن كلّ ما عداها من الأُمور، ولأنّ الحال بمكة قد تبدّلت، فأصبحت خطبة المسلمات مقصورة على المسلمين وهم قلّة قليلة، إن دخلت في نطاق الآحاد فهي لا تتوغّل في نطاق العشرات!