وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

النفسي هو الذي يقدّر فيقرّر ... ورهف الحسّ وصفاء النفس لدنها خليق بهما أن يشفا عن الحقيقة. ثم ما كان أقساه عليها من موقف أنّ الحيرة قد بلغت بأبيها إلى استشارة بعضهم في أخصّ خصوصياته، فيسألهم عن أمر امرأته، هو الذي كان دائماً لقومه ـ قبل الرسالة وبعد الرسالة ـ صاحب الرأي والمشورة. سأل فتاه أُسامة بن زيد رأيه فيما أرجف[1030] به أهل الإفك، فكان الذي ارتآه: يا رسول الله، أهلك ... ولا نعلم عليهنّ إلاَّ خيراً، وهذا الكذب والباطل. وسأل أخاه علي بن أبي طالب، فكان جوابه: «يا رسول الله، النساء كثير، وإنّك لقادر على أن تستخلف، وسل جاريتها بريرة تصدقك». فجيء بالجارية، وقام علي ليضربها، ويحذّرها أن تكذب: «اصدقي رسول الله». وشهدت بريرة: والله ما أعلم إلاَّ خيراً، وما كنت أعيب على عائشة إلاَّ أنّي كنت أعجن عجيني فآمرها أن تحفظه، فتنام عنه، فيأتي الداجن فيأكله! فإن يكن أُسامة قال ما قال فتلك مقالة امرئ «شهد» فأنصف فيما كان يعلم، لكنّه «تحدّث» فتلطّف فيما لم يكن يعلم. وإن يكن ذلك قول علي فإنّه الصدق مع النفس، والصدق مع الغير، والصدق مع واقع الحال، دون محاولة منه لاقتحام غير المشهود وغير المعلوم. وهل كان ليقطع بالرأي الفيصل في مجهول، أويخضع شرف السيدة لجهد التأويل؟ لا لهذا عليّ ولا لذاك! فإنّما الشهادة علم يقين، ورؤية عيان ... وإذا كان حبّه رسول الله حَرِيّاً بأن يدفعه إلى تهوين وقع المحنة عليه بكلمة تلطيف، فكلمة الحقّ الصرف هي الأحرى عنده بأن تُقال.