وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ومسود، أو قريب وغريب. وعندما أيس منهم، بعد طول المقام، وهمّ بالرحيل، نشدهم أن يكتموا عليه ما أصابوا منه ولا يذيعوه، فلو أنّهم استجابوا له، فلربّما خفي مسلكهم معه عن قريش فلا تشمت فيه، ولا تحتذيهم فتفرط في التهجّم عليه كما لم يفرط قبلهم كفّار أثيم، ولربّما كانت له بكتمانهم يد عنده، جديرة بعرفانه وإن هم تجرّدوا ـ في حقيقة الواقع الأليم ـ من كلّ منّة ومكرمة، وكانوا قوم سوء. لكنّهم أبوا عليه هذا المطلب اليسير، وطفقوا يطاردونه كالذئاب. كانوا يتصايحون به في الدروب والأحياء، أنَّى غدا أو راح: الصابئ! الصابئ! وهم يصفقون متضاحكين، وقد طاب لهم أن يجعلوه ودينه مادة تندّر وعبث لئيم. وعندما أيقنوا منه عزمه على مبارحة أرضهم، أغروا به السفهاء من غلمانهم وعبدانهم وسفلتهم، يلاحقونه بعربدتهم، لكزاً وضرباً، وسبّاً وعيباً، ويتحلّقونه حلقةً ليمنعوه الانطلاق. ثم تواقف العادون إلى جانبيه صفَّين، إلى يمين وشمال، على طريق العودة الطويل، يرضخونه بالحجارة، فإن أسرع ليتّقي الرجم ردّوه، وإن وقف عيّاً وكلالةً دفعوه! ولم يكن معه أحد غير زيد بن حارثة مولاه، يحاول أن يترس دونه بجسده، فلا يكون قصارى درئه عنه إلاَّ أن يتقاسما الأذى أحياناً قسمةً ضيزى، وأحياناً قسمة قسطاس! لكنّ حظّ الرسول من عذابهم ذاك كان أوفر نصيب ... إنّهم ليرشقونه بالحجارة فلا يخطئونه التصويب، وإنّهم ليخصّونه من قسوتهم بما يزري بقسوة وحوش الفلاة. فإذا أضناه الألم، وبهظ[718] احتماله فناء، وهوى إلى الأرض هوياً، أو تماسك فاستند إلى جدار من فرط الإعياء، خفّ إليه منهم رجال أشدّاء فرفعوه من عضديه