وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

عندئذ هجس بصدر الزهراء أنّ مكثها بمكة موقوت. فما جرى بين النبي وبين تلكم الطائفة من وافدي يثرب، ليس يعني شيئاً سوى حَتم الرحيل إلى ذلك البلد الذي فتح له أصحابه بابه على مصراعيه، وما بدا من نقاء سلائق أُولئك الوافدين يؤكّد أنّهم خير أهل لاحتضان الدين. فهل قُضي أن تهجر مستقرّ الكعبة، وتبرح منزل الذكريات؟ وتبعد عن الثرى الطيّب الذي ثوت إليه الغالية خديجة؟ لسوف إذن تألم، وتعيش في تيه من الحنين بلا آخر. ولكنّها أيضاً ـ وإن شقيت بالبُعد ـ ستسعد إذ يلجأ أبوها الحبيب بيثرب إلى جُنّة حصينة، وقلعة أمان. فالسعادة والشقاء في هذه الحياة جاران، الشقاء في طرفه سعادة، والسعادة في طرفها شقاء..تماماً كالظُلمة والنور، كالليل والنهار. ولقد أوشك الرسول أن يبلغ بكفاحه أقصى أطراف طريق العُسرى والضيق، أفما أنى أن يبلغ اليسرى والانفراج؟ بلى قد آن! فهناك تتحرّر حركته من حصار الاضطهاد، فلا يؤوده أن يشرّق بالدعوة ويغرّب كيف يشاء، ولا يستعصي عليه اجتذاب النصير والظهير، ولا يعضله ابتعاث الفطرة في قلوب الناس، نقيّةً من أدران[684] الغيّ، صافيةً من أوشاب[685] الخرافة، سليمةً كما برأها الله. فالإيمان بالخالق بذرة نورانية، أودعها سبحانه في نفوس البشر كافّة من قبل أن يكتسوا ثياب الأجساد، ويتخلّقوا آدميّين أسوياء، لولا أنّ فريقاً منهم رانوا عليها بصدأ الأهواء.