وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وإذا كانت هذه هي بعض مبادئ الأخلاق الواجبة الاتّباع في ميادين النزاع المسلّح، تكريماً للبشرية، وارتفاعاً بها عن التدنّي إلى غرائز الحيوان، فإنّ النزاع السلمي في ساحات النقاش والجدال أحرى بأن تكون له آداب تحقّق هذا التكريم. وهي آداب لا تُعضل أحداً يعرف لآدميّته حقّها، سواء أكان من الخاصّة والأشراف أم من العامة وعرض[628] الناس، فيها حسن الإصغاء، وعفّة الأُسلوب، ومقابلة الرأي بالرأي، وصون اللسان عن الهمز واللمز، وعن العيب والسبّ، والكفّ عن القهر الفكري، واجتناب التنابز بالألقاب. لكنّ قريش ـ على ما قيل من اشتهارها بالمروءة، وامتثالها كرائم الشِيَم ـ نسيت هذا كلّه، وأعجلت إليه بنقائض هذه الآداب، تهجّمت عليه بالزراية والتحقير، داهمته بكلّ دنيء وخسيس. ولو أنّها وكّلت أمره إلى حفنة من غلمتها الذين لم يبلغوا الحُلُم، يسوّسهم النزق[629]، ويسوقهم الطيش، ما طوّعت لها الخفّة أن تنال منه ما هو شرّ وأخبث ممّا نالت منه هذه الجماعة المسوّدة[630] من الشيب والأشياخ التي تُسلَك في صفوة ذوي الرأي والسداد، ونخبة الأشراف الأمجاد! وإذا كانت نفوس تلكم الزمرة قد راودتها مراراً على اغتياله، ثم كفّت أيديها عنه إلى الأبد، فأنّما أمساكها مرجأ[631] إلى حين تستكمل خطّتها في الزراية به، وتهوين قدره على أصحابه، واقتلاع ما له من مهابة في قلوبهم وإجلال، حتّى يصغر شأنه، وينبو به الناس، فذهب دمه عندئذ كقطرة طلٍّ حفّفتها الحَرور، فلا واتر إذاً ولا موتور! فما أشدّ ما فضعت به، وشنّعت عليه! وما أكثر مابشّعته في الحلوق والعيون!