وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فما فتئ يذكرها، صباح مساء، مع أيّ خاطر، وعفو الخاطر، كالقلب يخفق ولا يكفّ عن خفوقه في يقظة ولا منام. إنّه يذكرها في كلّ الأحوال، تشابهت الظروف أو تقلّبت من نقيض إلى نقيض، يذكرها في الشدّة وفي الرخاء، عند الخطر وعند الأمان، مع اليأس ومع الرجاء، حين الضيق وحين الانفراج، أوان الحزن ولحظة السرور. كلّ ما حوله كان يستنبتها في حقل حياته، حتّى ليبدو للذين لا يستطيعون مطاولة حقيقة عاطفته، كأنّه يتلمّس ـ لاستحضارها في باله ـ شتّى الذرائع، ومختلف الأسباب. فربّما تبرز كلمة فيها نبرة تشبه رنّة صوتها فيذكرها، وربّما يتفكّر في أمر عند مقبل فيذكرها ... بل تذكّره بها هذه وتلك من بناتهما وهنّ دائماً قيد ناظريه. والبلدة المقدّسة ... والمسجد الحرام ... والدار ... والسماء والأرض أيضاً، فتلك الأُولى أظلّتها، وفوق هذه الأُخرى درجت حتّى انطوت في حشاها الدفين. * * * وبدا من عائشة أنّها لا تطيق من زوجها هذا الذكر الموصول الذي يتدفّق كنهر سويّ المجرى، شجيّ الأفياض. أفتزاحمها على حبّ محمد هذه التي واراها التراب؟ أوَ كلّما رفّ لها ذكر، ولمحت له من سيرتها ومضة، عادت في كيانه ووجدانه إلى الحياة؟ أتراه دفنها في قلبه أم دفنها بالحجون؟ إنّ عائشة، الزوج الجميلة الصغيرة، لتضيق من زوجها بهذا الذكر، وتأكلها الغيرة: مرّة قالت: ما حسدت امرأةً كما حسدت خديجة![608]