وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

إذ تجري أسفاً أن قد حانت ساعة الوداع، وأوشك أن تنفصل عنه هذه القطعة الجليلة من حياته، الأثيرة عليه، والأحبّ إليه من كلّ ما في العالم من خلائق وموجودات. وإنّه القول إذ ينطلق به قلبه قبل أن ينطلق به لسانه، فتحسّه دعاءً إلى الله لها بالرضوان، أو تلاوةً من آيات القرآن، تثبيتاً لها وإن كان قلبها من إيمانها لفي قرار مكين. وإنّه النجوى يخافتها بها تسريةً ودعابةً، فإذا وجهها يشرق، وإذا البسمة على ثغرها ترفّ كومضة نور. وربّما شاء مرةً أن يرفّه عنها، فنأى بذهنها عمّا يشغله من قلق البال، وبنفسها عمّا تكابد من استغراق في هموم الفراق، فمازحها بأن قال: «يا خديجة، أتكرهين ما أرى منك وقد يجعل الله في الكره خيراً؟... أشعرت أنّ الله أعلمني أنّه سيزوجني؟»[606]. فهل طاف بوجهها أثرٌ للغيرة التي تعصف ـ في مثل هذا المقام ـ بقلوب غيرها من النساء؟ لا! بل قالت بكلّ الرضا والمودّة والإيثار: بالرفاء والبنين. ولقد وقفت عائشة من بعد، موقفاً كهذا الموقف، فكيف كان سلوكها إذ يقارن بهذا السلوك؟ وهل تباين أم تطابق السلوكان؟ كان ذلك والرسول في مرضه الأخير إذا أحسّت عائشة صداعاً، فشكت: وارأساه! فلمّا كرّرت الشكاة قال لها الرسول يداعبها: «وما ضرّك لو متّ قبلي فقمت عليك، وكفّنتك، وصلّيت عليك، ودفنتك؟»[607].