وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ترهّف وشفّ كأنّها شعاع. وبصرت بنفسها وبأُختيها: زينب وأُم كلثوم، قد التفَفْنَ بالمضجع حلقةً، كأنّما ليكنّ وفاءً وفداءً لهذه الراقدة العزيزة فيدرأْنَ عنها سطوة المنون[600]، ورأت أباها يلزم جوار زوجه الفُضلى لزوم وله[601] ومودّة، فيهمهم[602] بين اللحظة واللحظة بكلام لم تكن تدري إبَّانه ـ لانشغالها بكربها العظيم ـ أهو مسارّة ومناجاة أم هو هينمة[603] ودعاء إلى الله ربّ الموت والحياة. ثلاث ليال وثلاثة أيام مضت ومحمد حينئذ لا يبرح الدار، ثم لا يميل عن ذلك الجوار. فإن تكن الزهراء التقطت خلال تلك الآونة، مرأىً أو صوتاً، من لدن الأُم، فإنّه القلق الذي يترقرق في عينيها كالدموع، أن أزف[604] أوان رحيلها عن زوجها الحبيب، وهو أشدّ ما يكون حاجة إلى وقوفها معه، تسند ظهره، وتثبت خطاه في وجه أبالسة الشرك، حصب الجحيم. وإنَّه اللهفة التي تغشى محيّاها وهي تنقّل بصرها على وجوه فتياتها الثلاث مراراً مراراً، كأنّما تتفحّصهنّ، وتبحث بينهنّ عن تلك الرابعة، الغائبة عنها من بضع سنين وراء البحر بأرض الحبشة، فيرتدّ إليها بصرها وهو حسير... وإنّه اضطراب شفتيها ممّا هو أدنى إلى الأنين، إذ ترتعشان بكلام ما هو بمسموع، ولا له في العالمين سميع، تعبيراً صامتاً عن لواعج[605] بينها عن الأحبّة، وانقطاع لقائها بهم إلاَّ في علّيين. أو تكن الزهراء التقطت من لدن أبيها، مرأىً أو صوتاً، فإنّه الدموع على وجنتيه