وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

غير أنّها بين اللحظة واللحظة، كانت لا تملك إلاَّ الدوران ببصرها مع الجدران، عسى أن تحدّثها بحصيلة السنين. ولم يكن ما تهفو إليه حديث شفاه، إنّما حديث ذكريات، والذكريات خيالات. لا هي عبارات ولا كلمات تنتقل على أوتار الصوت إلى الأعصاب السمعية، سواء أأفصحت وأبانت، أم أبهمت وغمضت، أم اضطربت في سياقها مواقع المقاطع من المقاطع، واختلطت صلات الحروف بالحروف، بل هي صور كأنّما رسمت بريشة الضباب مشاهد لشخوص وأشياء، تؤوب من أمس الزمن قبل أن تلتقمها كهوف النسيان، تنبعث مثل انبعاث الموتى من القبور يوم النشور وهم في الأكفان، تترى على لوحة لا مرئية، فلا يراها الرائي بلمح البصر، وإنّما يلقفها بأعين لا مرئية وكانت فاطمة دائماً تحرص على أن تلتقط من هذه المرائي ما تحبّ، حرصها على التقاط درر من مرعىً كثيف الأعشاب، فلها إليها شوق وحنين، ولها فيها سلوىً وتسرية، وإذا كان حزنها يتجدّد مع كلّ مشهد، فلاستعادة الحزن متعة لا يعرفها إلاَّ من فجع في حبيب. ألا تختلس من عمرها لحظات، تعيش فيها مع الغالية الحبيبة، العائدة إليها على ومض الذكرى من مقرّها البعيد؟ * * * وهيّأت نفسها للحظة الإيّاب. إنّ كيانها ليتفتّت حسرات، الدم في عروقها دموع، خلجات الخاطر أنين، قلبها ينتفض كطائر جريح، بين سحرها ونحرها أنفاسها تتردّد كحشرجة ذبيح. وعندما خالت أنّ الموت بدأ يحلّق في جوّ الغرفة، وقعت عينها اللامرئية على أُمها في فراشها مسجاة[599]، وهي من فرط ما دقّ جسدها ورقّ كطيف، ومن فرط ما