من غير الشيعة ـ شيئاً من هذا القبيل. ولعلّ من أبرز هؤلاء الأستاذ الدكتور عبد الفتاح عبد المقصود الذي أتحف المكتبة العربية والإسلامية بجملة كتب جادة وهادفة أخذت موقعها المشرق في مظانّ رفوفها، واحتلّت مكانةً لائقة عند القرّاء، لما ساهمت في ضخّ التراث الإسلامي بمواد علمية وثقافية وتاريخية قيّمة. هذا الكتاب وهذا الكتاب الذي تغفو دفتّيه بين يدي القارئ اللبيب فهو أحد مؤلّفات الأستاذ الدكتور عبد الفتاح عبد المقصود المصري، الذي حاز على توفيق عظيم لأن ينهض بمشروع ثقافي خاص تمثّل بتأسيس تيّار فكري ثقافي جديد يهدف من ورائه الدعوة إلى دراسة التاريخ الإسلامي دراسة علمية وموضوعية، قائمة على أسس متينة لإتمام عملية الفرز والتمييز بين الواقع والخيال، الحقّ والباطل، الصحيح والغلط... التي قام بها بعض الأسلاف وامتدّت إلى الآن. إنّ التعرّض لموضوعات تاريخية ومحطّات إسلامية قد لفّها الغبار، وتكاثرت الأقاويل عليها، ثم تسديد القلم باتجاه البحث عن الحقيقة، وكشف الغطاء للعيان لتبديد كلّ غموض قد أحاط بالشخصيات الإسلامية البارزة، وتحديد صورتها الواقعية والحقيقية... لعملٌ يتطلّب رجلاً يتوافر فيه وعي كبير، وثقافة واسعة تحاكي مناخات متعدّدة، وقدر كاف من المهارة الأدبية لبيان المطلوب إلى أذهان الناس. إنّ هذا الانتماء إلى تيّار «التصحيح» الذي جسّده المؤلّف في سلوكه وردوده ومناقشاته، وتعبيره في أكثر من موضع من هذا الكتاب عن رفضه الكثير من المقولات التي لا تمت إلى الإسلام بصلة، ودعا إلى غربلة التاريخ، والتأمّل بمحتوياته الخليطة، لخليق بأن يحظى بتقدير النقّاد، وأن لا يكون بمعزل عن دائرة النتاجات العلمية والأدبية الرائعة التي ظهرت في ظروف كانت الحاجة شديدة إلى بعث الحياة في مجرى الأبحاث الهادفة. فمن الروعة حقّاً أن تبرز الاهتمامات من قبل الكتّاب والعلماء والمؤرّخين