وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

لا غرابة في أن تعمى حمّالة الحطب عن الرسول وهو منها تحت العين فلا تراه، ولا أن يسمع الحكم بن أبي العاص ذلك الصوت المنذر الآتي من المجهول، ولا أن يرى أبو جهل خندق النار. لا غرابة، فهذه كلّها ظاهرات عادية صادقة، سواء أُرسمت بأحرف من أبجدية الماديات أم من أبجدية المعنويات، وسواء أعُدّ حدوثها في المألوفات أم عُدّ في الأعاجيب، فإن تكن الأولى فذاك، وإن تكن الثانية فالمعجزات بعض عدّة الأنبياء، ومع ذلك نراها طبيعيةً مألوفةً لم تكسر النواميس البشرية المعروفة. لكنّ طائفةً استأسرهم التفكير «المادي» فافتتنوا بالتمسّح بالعلم، يزعمون أنّها ليست سوى ضرب من تزيّد الرواة، وهرف[431] الخُرافة، وخمار[432] الخيال، من ثَمَّ فإنّهم باسم النظرة العلمية يدخلونها في مجال المحال. لأولئك لابدّ أن يقال: إنّ حقائق العلم الثابتة تدحض ما يزعمون، فالأمور على إطلاقها لا ينبغي أن تُترجم إلى أرقام وأعداد، ولا أن تُقاس بالشبر والفتر، أو توزن بالدرهم والمثقال. والنفس الإنسانية أفسح رحاباً من أن تضيق إلاّ بالقدرات الحسّية الخمس: العين والأُذن والجلد والأنف واللسان. فوراء الشعور لا شعور، ووراء المنظور مستور، والقوى الظاهرة المادية ليست وحدها ما يشكّل سلوك الأشخاص، ويطوّر حركة الأحداث، إنّما القوى الخفية المعنوية تساندها، وتمكّن لها في البروز والظهور، بل الحقّ القول بأنّ المعنويات هي خاصة الدور الأول والأصيل في التشكيل وفي التطوير. فلقد تحارب فيفوتك النصر وتبوء بالخذلان، وربّما تستسلم قبل أن يلتقي