قد يقال: أنّه لا شأن لها به! فالسيدة تعدّ إحدى أعلام النساء المسلمات، لم تعش طويلاً، قضت جلّ حياتها في خدمة أبيها، وشطراً منه في خدمة بيتها الزوجي، فلم يُعرف لها نشاط تقريبي! دعونا نسمّي هذه المقالة بالمقالة الخاطئة! وقبل المناقشة ينبغي أن نسجّل ابتداءً نقطتين مهمتين ومثيرتين في هذا النطاق: الأولى: أنّ الذين يردّدون هذه المقالة لا يطلقونها إلاَّ وهم يصرّون على أنّ فاطمة شخصية مستقلّة عن أبيها (صلى الله عليه وآله)، بمعنى أنّهم ينادون بالفصل بين الشخصيتين، بل ولا يتردّدون في تأييد فكرة انتصاراها لتيار زوجها فحسب. وهذا خطأ! إذ لم يسبق أن شهد التاريخ على أنّها كانت بمعزل عن خطّ النبوّة أبداً، ولم يذكر أحد أنّها استقلّت مركبةً بعيدةً عن مركبة أبيها النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله). وهذا الكتاب يروي من الحوادث ما يدعم قولنا ويؤيّد وجهة نظرنا، ويكفي قوله (صلى الله عليه وآله): «فاطمة بضعة منّي» في بيان ما نصبوا إلى الإدلاء به. الثانية: أنّ الذين يرون هذه المقالة وأمثالها إنّما هم ينظرون بعين واحدة كما هو واضح! فهم لم يجدوا في شخصية هذه السيدة الطاهرة سوى أنّها امرأة كغيرها من نساء المسلمين اللاتي يمتلكن بعض الفصاحة والإيمان! وخارج هذا الإطار فأغلب الظنّ أنّ أحداً لم يجد الجرأة الكافية على كسر هذا الطوق الذي أحكمه الاضطهاد السياسي، ولا الجسارة إلاَّ ترديد هذه المقولة التي لاشكّ أنّها ضمن مواريث الفكر القسري الذي أخذ مكانه في التفكير الإسلامي إبّان عصور الانحطاط والتدهور. وقتذاك صفّق له اثنان: الطامحون إلى «الملكية»، وأعداء الأمة الذين قرّت أعينهم بهذه المقولة التي لاشكّ ستفرز نتائج «ايجابية» أقلّها إحداث شرخ في صميم العلاقات القائمة بين أكبر وأبرز فريقين: الشيعة والسنّة.