إنّ طرح هذا السؤال يفترض توفّر عنصرين مهمين، وهما: أنّنا جادّون في هذه الدعوة: دعوة التقريب الخالصة، وأنّنا متّفقون على التصوّر الإسلامي تجاه هذه القضية. فإنّ ثمة من يراوده الشكّ في جدّية المنادين بالتقريب في عالمنا الإسلامي، ويرون «التقريب» أشبه بمبادرة إلى تشديد «الحصار» على المذاهب الأُخرى، وبعبارة أُخرى: يرونه صيغة «وصاية» لمذهب على آخر، أو عملية «انقلاب» يقودها أحد المذاهب ضد مذهب الأسلاف!! ولا أريد مناقشة هؤلاء أيضاً، لأنّهم ـ في الواقع ـ يعرفون جيداً جوهر القضية، ويدركون الأمور ومفاتيح المشكلة، لكنّني أودّ الإشارة إلى نقطة مهمة وخطيرة فيها، وهي أنّ ممارسات هؤلاء وجهودهم المبذولة في هذا السياق، إنّما يدخل في باب توظيف الإسلام كورقة رابحة لصالح الاستعمار والصهيونية العالمية. ولعلّ في التجارب التي نمرّ بها في تاريخنا المعاصر، كما في باكستان، ومروراً بالجزائر ولبنان، وانتهاءً في العراق، دروساً غنيةً تفيد في هذه المناقشة! فمن منّا ينكر أنّ الاستعمار ظلّ يقاتل طوال قرن كامل ليستولي على العالم الإسلامي، وطوال قرن آخر ظلّ يكافح من أجل تقويض أركان الإسلام بمختلف الحيل والألاعيب؟! وبعد... فهل ثمة جريرة أعظم من جريرة تفريق المسلمين، وتكريس العداوة والبغضاء بين فرقهم ومذاهبهم الرشيدة؟ فاطمة بضعة النبي (صلى الله عليه وآله) ما شأن فاطمة بالتقريب؟ سؤال قد يطرحه من يلتقط هذا الكتاب، فيجد عنوانه الذي يشير إلى اسم هذه السيدة الخالدة، ثم يرسل نظره إلى أعلى الغلاف فيجد علامة الناشر: المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، عندئذ يقفز هذا السؤال إلى ذهنه!