ليسوا كذلك حينما ألقوا أسلحتهم واحداً بعد الآخر، وتحوّلوا إلى «مغلوبين» بعدما كانوا «غالبين»!! فهم إلى «التقريب» و«الوحدة» أحوج من أيّ شيء آخر في زمن المحن والتحدّيات الكبرى. التقريب والتثريب هل ثمة علاقة بين التقريب والتثريب؟ إنّ أيّ استطلاع نجريه في أوساط المسلمين يكشف أنّه هناك من اتّخذ الربط بين «التقريب» و«التثريب» منهجاً في الدعوة، ومعياراً يقيسون به للتفريق بين «السلفي» وغيره!! وكأنّ تقريب القلوب والموادّة بين أبناء ديننا صار جرماً قبيحاً، يعاقب عليه مرتكبه، رغم أنّ نبيّنا الأكرم (صلى الله عليه وآله) كان سيّد التقريبيّين حينما أعلن الإخاء بين المسلمين!! ولست هنا في مقام المناقشة وردّ هؤلاء الذين لا يرون مخالفيهم إلاَّ كفّاراً وجاهليين، فهؤلاء لا نقاش لنا معهم، لأنّهم يرون الإسلام بعين واحدة فقط، ومن يرى بعين واحدة لا يمكنه أن يدرك الحقيقة بصورة سليمة، فهؤلاء يسيئون إلى الإسلام بأكثر ممّا يسيء إليه ألدّ أعدائه ولو من حيث لا يشعرون. إلاَّ أنّ ما يعنينا هو تناول القضية الأهم في المقام، وهي شيوع النظرة «العوراء» إلى الإسلام بين جمهور المسلمين، وهي بطبيعتها آفة لم تصب شباباً متهوّراً حديث السنّ والتجربة فحسب، بل أصابت ـ وهو ما يثير الدهشة ـ شيوخاً يفترض فيهم الحكمة والقدرة على التمييز والقراءة الرشيدة للإسلام، فبدلاً من أن يدعو إلى وحدة الصفّ وتقريب القلوب بالتحابب والإخاء والموادّة بين الناس، تراه يرعد ويزبد وهو يلوّح بعصاه الغليظة لكلّ من لا يرى العلاقة بين «التقريب» و«التثريب»! والآن... هل هناك علاقة بينهما حقّاً؟