وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

قد يترجم إلى ضعف، في زمن كان الناس يرون بدانة الأنثى علامة الصحّة، وآية الجمال. أفعجب لو ملأتهم عندئذ الشفقة على «الزهراء» إذ يظنّون أنّها واهية البنيان؟ إنّ عودها نحل كأنّما يشفي على الضمور؟ وإنّ لونها شفٌّ كأنّما يوشك أن يكون الشحوب[343]؟ وإنّ صوتها خفت كأنّما يهمّ أن يذوب؟ بل لا حيلة لهم فيما يخالون، وكان الحبّ وراء كلّ ما يخالون، أمامه تسرح تهاويل الأحداس، وشطَحَات الظنون. فعن خشية عليها من الوهي كان وهم كلّ واهم، وعن رأفة بها كان خوف كلّ مشفق، وعن انعطاف إليها كان قلق كلّ جزوع. كان إيثارهم لها كأُسطورة، وحد بهم فريضة، واهتمامهم نفث الأنفاس. فليس الحبّ بشعور منقطع عمّا عداه من أحاسيس، ليس عاطفة سطحية أُحادية العنصر والتكوين، ليس شاغل القلب دون الفكر والضمير والخيال، لكنّه عاطفة عميقة، متراكبة الطباق، عديدة الجوانب، ذات عروض وأطوال، وأبعاد وأغوار. إنّه يحمل من يعيشه على استيقان النظائر والأضداد في آن، يريه بعين الخيال ما لا يُرى بعين الحال، يثير فيه من الشغف مثلما يثير من الخوف، يحرّك بقلبه الشوق كما يحرّك الإشفاق. والإشفاق من الشفقة، والشفقة بنت القلق، والقلق باطنه تهيّب، وظاهره تأرجح نفسي بين اليأس والرجاء، هو رحلة بين المحال والممكن، وهو مسيرة على طريق، أحد طرفيه عَتَم[344] مرهوب يكاد يُغِير بظلامه على نور الحاضر المضيء، والآخر وضح مرغوب ينتظره التفاؤل وإن كان لا يعيش إلاّ في غد غائر في خفايا الغيوب. * * *