وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولم تكن بنت عمرها الذي سجّلته الأيام، بحساب السنين هي طفلة في الخامسة، وبحساب الوقار هي سيدة في الخمسين. أحياناً كان ينعقد حاجباها كأن عن إمعان فكر وتأمّل حتّى ليُظنّ أنّهما لا ينفصلان، أحياناً كانت تتغضّن[338] جبهتها فتمتلئ أخاديد وخطوطاً غائرة[339] تلوح كآثار وشم[340] الزمان، أحياناً تترحّل بنفسها في الصمت، كأنّها سهت عن دوافع طفولتها الريّانة، ثم تمعن في السهو كأنّها ترهّبت للتأمّل، ثم توغل في التأمّل كأنّها قد انسلخت عن دنيا الناس، وغابت ـ روحاً وذهناً ـ في عوالم سحيقة من أسرار الغد الخفيّ، ورؤى الغيب المستور. كانت لا تكاد تعرف حياة الأطفال، تنزّهت عن العبث، تجرّدت من الصغائر، باعدت الهَذَر وسقط الحديث. كانت توجز في القول، تسهب[341] في الصمت، تتحرّك بمقدار، إذا لعبت فبغير ضجّة، إذا مشت فعلى هون، إذا تكلّمت فبلا جلجلة[342]،إذا ضحكت فبالابتسام. وأولئك الذين حسبوا أنّ ألوان هذا السلوك منها إنّما ترجع إلى عيب في طبيعة خلقتها، ونقص في تكوين بنيتها الجسمانية، أو إلى نضوب حيويتها، أو إلى افتقارها النفسي إلى ما هو أولى بمثيلاتها الصغار من جنوح إلى مرح الطفولة، المتمرّد ـ عادةً ـ على منطق الاعتدال، كلّ أولاء كان لهم عذر حاضر قد يؤيّدهم فيه المشهود وإن هم أخطأوا ـ في الحقيقة ـ السداد. فلقد كانت حقّاً نحيلة القوام، رقيقة الجسم، خفيفة اللحم، أَمْيَل إلى الهزال الذي