وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

لقد كان من فضل الله على هذا الأب ـ الجد ـ أن اختصّه بقلب ناصع كبير، وذهن متوقّد منير، وآتاه نفساً زكيةً نقيةً; كنسمة الفجر في يوم نديٍّ من أيام الربيع، وأفاء عليه إشراق الوعي وعبقرية الإدراك، وهيّأ له رحابةً روحيةً اتّسعت لاحتواء روعة المجهول، وأودع ضميره صدق التوسّم والاستجلاء، وملّكه القدرة على استشعار الكثير من المجرّدات والمطلقات، كقدرته على إبصار مظاهر الملموسات والمرئيات. وما عُرف عنه في هذا السبيل ليس بقليل، والشواهد أعداد. * * * فيما وصفه به معاصروه كان ألصق بالطهر، وأفعل للخير، وأحرص على نصوع الضمير، تنزّه عن فواحش الأعمال والأقوال، عفّ عن نقائص بيئته التي عاشت حياتها ـ كفراً وعهراً وهجراً ـ تحت أجنحة الشياطين، تناءى بعيداً ـ بقلبه وفكره ـ عن خبائث العقائد والعادات والتقاليد التي شكّلت شطراً غير صغير من طبائع مجتمع عربيد[285]، الناس فيه أشدّ كَلَفاً[286] بها من كَلَفهم بالمآثر الزهر، والمناقب الغرّ، وما تدعوا إليه مكارم الخلق من كلّ حميد ورشيد. فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون؟ أعلى أبصارهم غشاوة؟ أفي آذانهم وقر[287]؟ أعلى قلوبهم أقفال؟ كانوا يرون في أعرافهم تلك النكراء موائل اعتزاز، لكأنّما امتثالهم طرقها المعوجّة كان لهم فيه الفخار كلّ الفخار، وإقلاعهم عنها هو العار أفدح العار! لكأنّ انقيادهم للموبقات إنّما جاء عن تلبية حتمية لأمر مقدّس ليس إلى تحلّلهم منه سبيل!