نظائرها في إيران ويحاكي أحدها الآخر; ليعكس حقيقة وحدة الكلمة في أصل كلمة التوحيد، وعندها سنجد أنّ العلاقات الأخوية الشاملة والراسخة لا ينقصها إلاّ العلاقة السياسية القائمة على وحدة الهدف الكبير، والتواصل التاريخي الثقافي المشترك، والمصلحة الإسلامية والإنسانية المتبادلة. والذي زاد في ترسيخ فكرة تأليف كتاب، بل سلسلة كتب عن معالم أهل البيت (عليهم السلام) في مصر، هو ملاحظتي الفاحصة لثلاث ظواهر أصيلة تشكّل مادّة المعالم الشاخصة لأهل البيت (عليهم السلام)، ومدى حبّهم وودّهم في أوساط مسلمي مصر، وهذه الظواهر هي: الظاهرة الأُولى: ظاهرة الحبّ الشغوف والودّ العميق في الأوساط الشعبية العامة، من خلال مجالس الذكر، ومناسبات المواليد والوفيات لأهل البيت (عليهم السلام)، خصوصاً ذكرى سيدنا الحسين (عليه السلام) كما يعبّر المصريّون، والتي أخذت حالة شعائرية تقليدية، توارثتها الأجيال وتفاعلت معها، دون أن تؤثّر فيها سلباً التحوّلات العصرية المتواصلة. الظاهرة الثانية: ظاهرة الثقافة الولائية لأهل البيت (عليهم السلام) بين أوساط الكثير من مثقفي مصر، سواء كانوا أزهريّين أم غيرهم، وانفتاحهم الموضوعي على مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)وعلومها وثقافتها خصوصاً في القرن الأخير، فهناك عشرات الكتّاب وعشرات الكتب، بحثت بعقلية علمية وقلم واع مسائل أهل البيت (عليهم السلام) ومعالم مدرستهم الإصلاحية، ولعلّ الحركة العلمية والثقافية التي كانت على عهد الدولة الفاطمية كان لها الأثر الكبير في نشوء ودوام هذه الظاهرة، وقد أشار عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر: عبد الحليم الجندي في كتابه «الإمام الصادق» (عليه السلام) إلى ذلك قائلاً: «الإمام الصادق هو الإمام الوحيد في التاريخ الإسلامي، والعالم الوحيد في التاريخ العالمي الذي قامت على أُسس مبادئه الدينية والفقهية والاجتماعية والاقتصادية دول عظمى، ومصر تذكر منها أكبر دولة عرفها التاريخ فيها من عهد الفراعنة: الدولة الفاطمية التي امتدّ سلطانها من المحيط الأطلسي إلى برزخ السويس، ولولا هزيمة جيوشها أمام الأتراك لخفقت