ثم امتدّ بحكومته إلى أجزاء من مصر، إلاّ أنّ الأمير المعزّ لدين الله، هو أوّل خليفة فاطمي يفلح في بسط سيطرته على كلّ مصر، حيث فتحها عام (358هـ) وبنى مدينة القاهرة واتّخذها عاصمةً لمصر، وانتشر مذهب أهل البيت (عليهم السلام) في عهده، وأصبح الفقه الشيعي أساساً للشعائر والعبادات والمعاملات، وانتشرت في عهده أيضاً محافل ذكر فضائل أهل البيت (عليهم السلام) ومدائحهم، وأسّس الجامع الأزهر تيمّناً باسم فاطمة الزهراء (عليها السلام)، بهدف تدريس علوم أهل البيت (عليهم السلام) وفقههم. وتوالى تأسيس مؤسّسات التعليم والتربية في عهود الخلفاء الفاطميّين، كان منها: دار الحكمة; لتتواصل الحركة العلمية في نشر معارف وعلوم مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)في حواضر مصر وآفاقها. وممّا تميّزت به هذه المؤسّسات العلمية ـ وخصوصاً الجامع الأزهر ـ هو عقد حلقات الدروس العلمية، والحوار العلمي بين علماء مذهب أهل البيت وعلماء المذاهب الإسلامية الأُخرى; كعلماء الشافعية والحنفية والمالكية وغيرهم. * * * وقد كان من الأماني التي خالجتني قبل أن أحطّ رحالي في القاهرة أن أطّلع عن قرب على المراقد والمقامات الشريفة لآل البيت (عليهم السلام) في مصر، بهدف تحقيق طموحي لتأليف كتاب عن معالم أهل البيت (عليهم السلام) في مصر، إلاّ أنّ هذه الأماني ـ بعد الذي شاهدته ـ تحوّلت إلى ضرورة ملحّة أخذت عليّ جميع مشاعري، فانبريت لهذا الأمر بعزيمة لا تنفسخ، خصوصاً وأنّ مثل هذا العمل الثقافي التاريخي سوف يصبّ في إطار تعميق العلاقات التاريخية والثقافية في بُعدها الإسلامي الرسالي بين الشعبين المسلمين في إيران ومصر; لتعيد لحواضرهما ذلك التواصل والتكامل في محور أهل البيت (عليهم السلام)حبّاً وودّاً وولاءً، وعندها سوف تتلاشى الموانع التي صنعتها يد الاستكبار على أرضية الجهل والعصبية والوهم، فتجد جامعة الأزهر الشريف تعانق حوزة قم المقدّسة علماً ومعالم ومعارف ومنابر، وتجد مشاعر الحبّ والودّ والولاء لأهل البيت (عليهم السلام) في مصر تناغم