وكانت السيدة نفيسة ـ وفقاً للإجماع ـ بالإضافة إلى علمها الغزير، زاهدة في دنياها، تؤمن بمنهج الزهد وتمارسه، وكان رائدها في طريق الزهد جدّها العظيم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي أحاطت بسيرته. وكذلك كانت تميل بطبعها منذ صغرها إلى حياة بعيدة عن زخرف الحياة ومباهجها، على الرغم من أنّ أباها كان أميراً للمدينة، وكان لاشكّ يعيش حياة رغدة. في هذا البيت نشأت السيدة نفيسة نشأة زهد وتقشّف، فمثلاً كانت تميل للأكل القليل... فقد روي: أنّها كانت تأكل كلّ ثلاثة أيام مرة. كما كانت ـ في الوقت نفسه ـ زوجة مخلصة، لم يشغلها أيّ أمر عن مسؤوليتها كزوجة، وقد أخذ زوجها المؤتمن يفاخر بها، ويذكر للناس من حوله أنّه وجد فيها نعمة الله عليه... فلم تقصّر في حقٍّ له أبداً، ولم يشغلها أيّ أمر عن حقوقه وواجباتها. وهناك إلى جانب ذلك صفات أخرى كثيرة عُرفت بها السيدة نفيسة رضي الله عنها، فقد كانت كريمة الأخلاق، شريفة الطبع، وكانت عطوفة على أُسرتها وأهلها... كما كانت كثيرة الخير والبرّ، تواسي البائسين، وتسعف الملهوفين، وكان مالها الكثير تفرّج به عن المحتاجين من الناس. وصف المزار من أشهر الكتب التاريخية التي تحدّثت باستفاضة عن قبر السيدة نفيسة رضي الله عنها هو ما كتبه السخاوي في كتابه عن المزارات... حيث حدّد لنا بالضبط مكان هذا القبر، والذي أُقيم في الدار التي عاشت بها بدرب السباع، والتي منحها إيّاها الوالي السري بن الحكم. وممّا ذكره السخاوي في هذا الشأن قوله: ومشهد السيدة نفيسة معروف بالقرافة بالمراغة...والقبر طويل قبلي الشارع المعروف بالزرايب، وشرقي الشارع الموصل للسيدة جوهرة، على يسار من يقصد المشهد النفيسي من الجهة البحرية، تجاه