على مرضها، فرفضت ذلك... وقالت: واعجباه! إنّ لي خمسين سنة وأنا أسأل الله عزّ وجلّ أن يتوفّاني وأنا صائمة، فأفطر؟! أعوذ بالله... فانصرف الأطبّاء وهم معجبون بقوة يقينها، وثبات عزيمتها، وسألوها الدعاء، فقالت لهم خيراً ودعت لهم. ثم قالت زينب ابنة أخيها: ثم إنّها بقيت كذلك وقد افترسها الداء العشر الأواسط من شهر رمضان، فاشتدّ بها المرض، واحتضرت، فاستفتحت بقراءة سورة الأنعام... فلا زالت تقرأ إلى أن وصلت إلى قوله تعالى: (لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ]الأنعام: 127[ فغشي عليها. ثم قالت زينب: فضممتها إلى صدري، فإذا بها تشهد شهادة الحقّ، وقبضت، واختارها الله لجواره، ونقلها إلى دار كرامته، وكان ذلك في سنة ثمان ومائتين، وذلك بعد موت الإمام الشافعي بأربع سنوات[375]. صفاتها وعلمها تميّزت السيدة نفيسة رضي الله عنها كما تميّز غيرها من آل البيت بالتفاني في عبادة الله، والخوف من عذابه... فكانت ـ وهي لاتزال تقيم في المدينة، وتعيش في كنف والدها ـ دائمة العبادة... وتلاوة القرآن الكريم... وممّا يروى عنها، وهي لا تزال في سنّ الخامسة من عمرها: أنّها حفظت القرآن الكريم، وأجادت تفسيره، ثم تفقّهت في الدين، ولازمت قبر جدّها المصطفى (صلى الله عليه وآله)، فأحبّها أهل المدينة حبّاً مقروناً بالإجلال والتعظيم; لما اشتهرت به رضي الله عنها من الزهد والتقوى، وصيام النهار وقيام الليل في عبادة الله. وكانت وهي بالمدينة تتردّد كثيراً على مكّة لأداء الحجّ، وقد أُثر عنها حين طوافها حول الكعبة: أنّها كانت تتّجه إلى الله وتقول: «إلهي وسيدي ومولاي: متِّعني